أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي أن بلاده لديها وفرة مالية تبلغ نحو 90 مليار دولار أميركي وأنها تبحث عن سوق لاستثمار هذه الأموال، ملوحا بإمكانية توجيهها إلى السوق الأفريقية. فيما طالب الرئيس المصري حسني مبارك مجددا بضرورة التصدي للتغيير غير الدستوري لأنظمة الحكم في أفريقيا لما يمثله من خروج عن الشرعية الدستورية، وبذل كل الجهد لتعزيز الشرعية الدستورية وضمان احترامها.
وقال القذافي في كلمته بالدورة الـ12 لقمة تجمع دول الساحل والصحراء (س ص) التي اختتمت أعمالها أمس في العاصمة التشادية أنجمينا: «هذه ثروة لـ(س ص) وثروة لأفريقيا، هذه ليست دعاية، هذه حسابات موجودة في المصارف». ولفت إلى أن السوق الليبية لا يمكن أن تستوعب هذه الأموال الضخمة، مشيرا إلى أن السوق الليبية تستوعب جزءا منها فقط. وأضاف: «بدأنا في التوجه إلى أفريقيا لعلها تستوعب هذه الأموال الضخمة، ويجب أن يكون لتجمع (س ص) نصيب الأسد منها». وتابع: «عندما هدمت سويسرا المساجد، سحبنا 7 مليارات دولار من المصارف السويسرية، وما زالت في أيدينا تبحث عن سوق بدلا من السوق السويسرية تستثمر فيها، وهذا يتطلب استقرارا، سلاما، أمنا، ثقة، استقلالا حقيقيا، إرادة سياسية، نظافة من الفساد».
واشترط القذافي أن لا يكون هناك فساد في الإدارة أو في السياسة، وأن يكون هناك استقرار وأمن، بالإضافة إلى مؤسسات مالية مضمونة ومشاريع ذات جدوى اقتصادية تستثمر فيها هذه الأموال. واعتبر أن هذا هو الاستقلال الحقيقي، وهذا هو الذي يحررنا من الحاجة ومد اليد.. يد التسول للآخرين الذين يلوون هذه اليد، ويهينوننا ويطلبون منا أن نخضع لهم لكي يتصدقوا علينا بمنحة. وقال الزعيم الليبي: «نحن لم نخلق هكذا، نحن وهم على قدم المساواة فوق الأرض وتحت الشمس، ونحن إمكاناتنا أكبر منهم، وهم استعمرونا لأنهم يحتاجوننا». وتساءل: «لماذا استعمروا أفريقيا؟ لأنهم بحاجة إلى أفريقيا، وإلى ثروات أفريقيا، معناها أن أفريقيا هي الغنية وهم الفقراء». وقال أيضا: «وعدونا بالمليارات، ولم يعطونا أي شيء إلا التدخل في الشؤون الداخلية. لكن الـ90 مليارا هذه أموالنا وليست أموالهم، وهي بين أيدينا فعلينا أن نقضي على الفساد، ونقضي على انعدام الأمن، ونعزز الثقة بيننا لكي نستثمر هذه الأموال».
وتطرق القذافي إلى ما وصفه بالإمكانات الهائلة التي تزخر بها دول تجمع الساحل والصحراء مادية وبشرية ومعدنية وطبيعية، موضحا أن هذا التجمع هو المنطقة الوحيدة في أفريقيا التي تختلط فيها وتتوفر بها كل الثروات من مياه وأنهار ونفط ويورانيوم وحديد ونحاس وفوسفات وموانئ تطل على المحيطات والبحار وهو أقرب إلى القارة الأوروبية من كل التجمعات الإقليمية الأخرى في أفريقيا.
ووجه القذافي انتقادات حادة إلى جدول أعمال القمة الأفريقية المقرر عقدها في العاصمة الأوغندية كمبالا من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من الشهر الجاري، وطالب ضمنيا بتغيير الموضوع الرئيسي للقمة. وتابع «إن موضوع القمة الرئيسي حول الطفولة أو الأطفال الرضع، فهذا لن نناقشه لأننا لسنا اليونيسيف. هذا اختصاص (اليونيسيف)».
كما انتقد القذافي بطء استجابة زعماء وقادة الدول الأفريقية لمقترحاته بشأن إنشاء كيان موحد يحمل اسم الولايات المتحدة الأفريقية، وقال: «الذي لا يريد أن يحترم القانون التأسيسي (الذي ينص على الوحدة) موقفه غير شرعي، ويتحمل المسؤولية». واستطرد قائلا: «القرارات ستوضع أمام قمة الاتحاد الأفريقي بواسطة الرئيس التشادي إدريس ديبي رئيس تجمع دول الساحل والصحراء»، مضيفا: «ولا نريد أن نضيع وقتا، ولا ندخل في مهاترات».
وأكد القذافي أن ما ستقرره القمة الـ12 لتجمع دول الساحل والصحراء سيكون له تأثير كبير على ما ستقرره قمة الاتحاد الأفريقي القادمة في كمبالا، لافتا إلى أن التجمع المتكون من 28 دولة يشكل الأغلبية الساحقة في الاتحاد الأفريقي وبالتالي فإن الأخير لا يحصل على أغلبية الثلثين ولا يستطيع أن يمرر أي قرار دون الحصول على أصوات دول التجمع.
من جهته طالب الرئيس المصري حسني مبارك مجددا بضرورة التصدي للتغيير غير الدستوري لأنظمة الحكم لما يمثله من خروج عن الشرعية الدستورية، وبذل كل الجهد لتعزيز الشرعية الدستورية وضمان احترامها.
وقال مبارك في كلمته إلى قمة دول الساحل والصحراء «إن دول التجمع حققت إنجازات سياسية واقتصادية مهمة»، وأشاد في هذا الصدد بالتقدم الذي تم إنجازه في تفعيل عمل مجلس السلم والأمن الأفريقي.. والجهود المتواصلة لإنهاء النزاعات الأفريقية.. ودعا في الكلمة - التي ألقاها نيابة عنه الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الذي يرأس وفد مصر في القمة - إلى تكامل الأدوار والتعاون بين الآليات الأفريقية المعنية بالأمن والسلم على مستوى القارة، وبين الأطر دون الإقليمية على مستوى التجمعات الأفريقية.. والمعنية بهذا الشأن الهام.
كما أشاد بالتطورات الإيجابية الأخيرة في العلاقات بين تشاد والسودان ودخولها مرحلة جديدة من الثقة والتعاون.. وهو ما انعكس إيجابا على حالة الأمن والاستقرار على حدودهما المشتركة.. وعلى الأوضاع في دارفور بوجه خاص.
وأكد أن مصر لا تألو جهدا في دعم كافة الجهود لاستعادة الاستقرار وإنهاء النزاعات وبؤر التوتر التي تعرقل مسيرة التنمية في القارة الأفريقية. وقال إن مصر حريصة على بذل الجهود على كافة المستويات الثنائية والإقليمية والدولية. ودعا مبارك إلى تعزيز التعاون والتضامن في إطار تجمع الساحل والصحراء وفى إطار الاتحاد الأفريقي بوجه عام، وقال إن دول التجمع حققت إنجازات سياسية واقتصادية هامة، وما زالت هناك تحديات عديدة تواجه الدول الأفريقية بصفة عامة ودول تجمع الساحل والصحراء بصفة خاصة.. ما بين الأمن الغذائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية.. وأمن إمدادات الطاقة وتكاليفها.. بالإضافة إلى المشكلات الناتجة عن ظاهرة تغير المناخ وما جلبته معها من مخاطر بينية عديدة تهدد دول التجمع.
وأكد أن «مواجهة هذه التحديات وغيرها.. تفرض علي الجميع بذل المزيد من الجهد لتعزيز التعاون والتضامن فيما بيننا في إطار تجمع الساحل والصحراء.. وفى إطار الاتحاد الأفريقي بوجه عام».