..كما أننا حرصنا على ترسيخ ثقافة الاعتماد على الذّات لأننا ندرك أنها تقود إلى التنمية الحقيقيّة والمستدامة، ونؤمن أيضاً بأن الأدوار والمسؤوليّات العربيّة تكامليّة، وأن الاستثمار في قدرات أي بلد عربي من أي بلد شقيق آخر سيعود بالنفع على البلدين والشعبين.
ولا شكّ أن نهوض الأردن اقتصاديّاً وتنمويا، سيجعلها وجهةً للاستثمار العربي وهذا ما نطمح له.
وأود في هذا الإطار أن أكرر الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية وأخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد لله بن عبد العزيز، فهم لم يتخلوا عن الوقوف معنا ومساعدتنا في كل الظروف والأحوال.
سؤال 7): أثارت جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأخيرة في المنطقة مخاوف من إمكانية تهديد الحقوق المشروعة للفلسطينيين وخصوصاً حق العودة، هل هناك تطمينات إزاء هذه المخاوف؟.
جواب: بداية، أود التأكيد أننا ندعم السلطة الوطنية الفلسطينية ومواقفها، وخاصة حول قضايا الحل النهائي، التي تؤثر مباشرة على مستقبل الدولة الفلسطينية، مثل قضايا اللاجئين والقدس والمياه والحدود.
ولقد بذلنا جهودا كبيرة خلال الفترة الماضية، من أجل أن نعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة جدول أعمال المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية..ونحن نعمل مع إخواننا وأشقائنا في فلسطين والدول العربية، من أجل حشد الدعم الدولي اللازم، لتحقيق السلام الدائم والشامل، والذي يقوم على إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني..ولقد حذرنا مرارا من أن ضياع الفرصة لإقامة الدولة الفلسطينية سيترتب عليه نتائج سلبية، ليس على الفلسطينيين فقط ولكن على إسرائيل وعلى المنطقة.
وهنا أود التأكيد أن قبول إسرائيل في المنطقة سيبقى مرهونا بإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل لكافة جوانب الصراع العربي الإسرائيلي.
وفيما يخصّ حقوق اللاجئين بالذّات، فإن الأردن أكد باستمرار تمسكه بقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة ومبادرة السلام العربية..وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين في الأردن، نؤكد مرة أخرى أن حقهم بالمواطنة لا يحرمهم من حقهم بالعودة والتعويض، وهذا موقف ثابت لنا، ونحن مصرّون عليه، وقد تضمنته قرارات الشرعية الدولية وبخاصة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وهو ليس موضع مساومة أو تنازل بأي شكل من الأشكال.
سؤال
: وماذا عن إستمرار سياسة الإستيطان وكيف يمكن تحقيق السلام هذا العام كما جاء في مؤتمر أنابوليس على ضوء مواصلة إسرائيل لهذه السياسة؟.
جواب: لقد عبّرنا عن موقفنا من الاستيطان في مناسبات عدة وبصراحة كاملة، فاستمرار الاستيطان في جميع الأراضي المحتلة بما فيها القدس عمل غير مشروع ومرفوض لأنه يهدد مستقبل الدولة الفلسطينية، وقبل ذلك يهدد عملية السلام نفسها، ونحن نؤكد هنا على الالتزام بما جاء في خارطة الطريق، والتي نصت على وقف الاستيطان في مرحلتها الأولى، ويجب أن يكون الإلتزام مدخلا لعملية السلام التي بدأت في أنابولس.
وقد حذرنا مراراً من أن مثل هذه السياسات الأحادية الجانب من قبل إسرائيل تقوّض فرص السلام وتعرقل المساعي الجادة التي بدأت تأخذ زخما واهتماما كبيرا من المجتمع الدولي وكافة الأطراف المعنية بالعملية السلمية.
سؤال 9): تواصل إسرائيل عدوانها على غزة وتتسبب في مقتل العديد من المدنيين هل هذا سيبدد آمال تحقيق السلام في المنطقة؟.
جواب: العدوان والحصار على أهلنا في غزة مرفوض تماما، وندينه ونشجبه ونستنكره، ونحن على إتصال مع أشقائنا الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي لإيقاف هذا العدوان والحصار اللذين يشكلان اعتداء على كل الأعراف والمواثيق الدولية، وهذا الأمر مدان بكل الأشكال، وقد طالبنا إسرائيل بوقفه فورا، فالظروف الصعبة التي تحيق بأبناء القطاع، والحصار المفروض عليهم، يؤثر بشكل كبير وسلبي على حياة الناس الآمنين، ويتسبب في تدهور حالتهم المعيشية.
ويجب على إسرائيل أن تدرك أنه لا يمكن البدء بالمفاوضات بشكل جدي وصولا إلى السلام المنشود في ظل العدوان المستمر والإنتهاكات التي تقوم بها ضد أهلنا في غزة هاشم.
سؤال 10) يبذل الأردن جهوداً لوقف الإجراءات الإسرائيلية التعسفية في القدس. أين وصلت هذه الجهود؟.
جواب: إننا نعتبر أن القضية الفلسطينية هي جوهر النزاع العربي الإسرائيلي بكل ما يحمل ذلك من معانٍ، والقدس هي القضية الأهم والأبرز في هذا النزاع لما لها من مكانة وقدسية لدينا كهاشميين بشكل خاص، ولدى كل عربي ومسلم. ومسؤولية الأردن في الحفاظ على المقدسات الإسلامية هي أمانة تاريخية في اعناقنا نلتزم بها حتى تتحرر من الاحتلال. وأي مساس بهويتها العربية والإسلامية وأي محاولة لتغيير هذه الهوية مرفوضة بالكامل، ونؤكد مرة أخرى على أن السيادة على المقدسات هي مسؤولية أردنية سنحتفظ بها لحماية المسجد الأقصى وسائر الأماكن المقدسة في القدس حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
سؤال 11): عربيّاً جلالة الملك، قمتم بزيارة إلى سورية مؤخراً..ما هي دوافع هذه الزيارة؟ وهل حققت الهدف المرجو منها؟.
جواب: إن سورية الشقيقة والجارة تشاركنا مصالح عديدة، ونحن ما زلنا متفائلين بمستقبل العلاقات معها لإيماننا الكبير بأن هذا البلد جزء أساسي من العالم العربي..كما أننا نتعاون من أجل أن تصب السياسة السورية في مصلحة الأمة العربية، وأن تقوم العلاقات العربيّة على مبدأ الاحترام المتبادل واحترام سيادة كل دولة، ونسعى أيضاً لأن يتهيأ المناخ المناسب لإطلاق عملية سلام شاملة، يكون المسار السوري جزءاً أساسيا فيها.
وكلنا أمل بأن يتم تنفيذ كافة الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في اجتماعات اللجنة العليا الأردنية السورية المشتركة، تحقيقا لفائدة ومصالح الشعبين الشقيقين.
أما فيما يتعلق بدور سورية في المنطقة، فإننا نرى أن لها دورا مهما في العالم العربي لا يمكن اغفاله، ونتطلع إلى إنهاء حالة الفتور والتوتر بينها وبين بعض الدول العربية، فنحن نريد لسورية أن تلعب دورا فاعلا في العالم العربي ومع كل جيرانها..وما رأيناه من حالة جفاء بين الشقيقة سورية وبعض الدول العربية لا يقبله حسّنا ونهجنا القومي.
سؤال 12): ما يزال لبنان غارقاً في حالة من التيه السياسي مع التأجيل المستمر لجلسات مجلس النواب التي ينبغي أن تفضي لانتخاب رئيس جديد للبلاد..كما أن جهود الجامعة العربية لم تؤت ثمارها بعد..هل أنتم متفائلون بوجود مخرج للأزمة اللبنانية؟.
جواب: أود بداية أن أؤكد أن استقرار لبنان وسيادته هو خط أحمر..فلا بد من العمل على مساعدته لتخطي أزمته السياسية الراهنة، والحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره.
وفي الحقيقة فإن استمرار الوضع المتأزم في لبنان يدعو إلى التنبّه وبعد النظر، فلا بد للفرقاء اللبنانيين سواء في المعارضة أو الموالاة من التوافق فيما بينهم بما يحفظ وحدة لبنان وسيادته واستقلاله، واعتقد أن مبادرة الجامعة العربية بخصوص الوضع اللبناني، تمثّل فرصة ثمينة ومهمة ومنطلقا لتحقيق الوفاق الوطني، وإيجاد مخرج للمأزق السياسي الراهن،ويتوجب التمسك بها وعدم تفويتها، لتجنيب لبنان تداعيات خطيرة ستمس أمن المنطقة برمتها.
سؤال 13): إلى أين يسير الوضع في العراق؟ وهل ثمة مساع أردنية لدعم جهود المصالحة السياسية هناك؟.
جواب: علاقتنا مع العراق الشقيق تاريخية وراسخة، والأردن يستضيف عدد كبير من الأخوة العراقيين الذين هم بين أهلهم وأشقائهم..وهم ضيوف أعزاء علينا ونكن لهم كل الاحترام والتقدير..وقدموا إلى الأردن لأسباب تتعلق بالظروف الصعبة التي يمر بها بلدهم..حيث وفرنا لهم جميع التسهيلات التي تضمن لهم سبل الحياة الكريمة، حتى ينتهي العنف في العراق ويسترد استقراره ويحقق ازدهاره، ليتمكنوا من العودة إلى بلدهم والمساهمة في بنائه.
كما حرصنا على بناء علاقات مع الحكومة العراقية تخدم المصالح المشتركة للبلدين، وبذلنا وما زلنا نبذل جهوداً حثيثة، لمساعدة الأشقاء العراقيين على تحقيق الوفاق الوطني في العراق، وتشجيع العراقيين بمختلف مكوناتهم، على الانخراط في عملية سياسية، تمكنّهم من بناء عراق قوي وموحد، وتحول دون المحاولات التي تستهدف تقسيم بلادهم والزج بها في دائرة الفوضى، وتضع حدا للاقتتال والعنف وغياب الأمن وانعدام الاستقرار.
ويهمنا أن يعود العراق قويا ومؤثرا في محيطه العربي والإقليمي..لكن لا بد هنا من التأكيد على أن العراقيين أنفسهم هم الأقدر على تحقيق مصلحة بلدهم شريطة توحيد صفوفهم والوقوف ضد الأصوات الداعية لإثارة الفتن الطائفية وتأجيج حالة العنف والاقتتال، التي لا تخدم إلا أعداء العراق ووحدته وسيادته.