شعبان عبدالرحيم:أنا بطلت الحشيش.. من زمان
شعبان عبد الرحيم وسط محبيه داخل المستشفى
أنا بطلت الحشيش.. من زمان!
بقلم: محمود صلاح
الحوادث المصرية
حالة حزن وخوف علي شعبان. الدموع في عيني ابنه الكبير »عصام« الذي هو نسخة من شعبان. مؤلف معظم أغنياته الشاعر ابن البلد إسلام خليل. تهالك علي الأرض وجلس القرفصاء حزينا بعدما لم يستطع الدخول إلي »شعبولا« في حجرة الإنعاش!
الوحيد الذي تمكن من الدخول إليه، كان »أحمد عدوية« ورغم أن عدوية يتحرك بصعوبة إلا أنه ظهر في المستشفي منزعجا علي شعبان. دخل عليه حجرة العناية المركزة، ووقف ينظر إليه في شجن. بينما »زعق« شعبان علي الممرضة لتحضر كرسيا لعدوية.
وقال له: مانجيش لك في حاجة وحشة يا اخويا يا عدوية!
>>>
ليلة وقفة عيد الأضحي..
كان شعبان عبدالرحيم يستمتع بجلسته المفضلة علي كنبة صغيرة بجوار باب بيته، وكان يتحدث بمرح مع أهل الحتة الذين يتوقفون لتهنئته بالعيد.
طلب شعبولا من أكبر أولاده »عصام« أن يذهب لإحضار »العِجل« الذي سيذبحه بعد صلاة العيد.. كانت الساعة قد اقتربت من الثانية بعد منتصف الليل. عندما بدأ شعبان يشعر بضيق شديد في صدره، وأصبح تنفسه صعبا.
وفجأة فقد وعيه..
التف حوله أولاده وأصحابه في ذعر.. حاولوا خلع بعض ملابسه ربما يعود إليه تنفسه، وعندما أحسوا أن حالته خطيرة أسرعوا بنقله بالسيارة إلي مستشفي الهرم.
وبسرعة تم وضع شعبولا في الرعاية المركزة، وتشخيص حالته بوجود فشل في وظائف التنفس وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكريون، وانخفاض نسبة تشبع الأكسجين في الدم وحالة غيبوبة!
>>>
قال أحد الأطباء إنه تم العثور علي قطعة حشيش صغيرة في جلباب شعبان عبدالرحيم، وتم تحرير محضر بذلك.
وكان شعبان لم يفق بعد من غيبوبته.
لكن الأطباء تمكنوا من إجراء الإسعافات اللازمة له. بعد أن وضعوه علي جهاز التنفس الصناعي، وعند الصباح كان شعبان قد تحسنت حالته التي وصفها الأطباء عند حضوره بأنها كانت خطيرة للغاية، وأنه كان معرضا للموت!
عندما سمعت بالخبر.. أسرعت إلي المستشفي، ليس بدافع البحث عن موضوع صحفي، لكن لأنني عرفت شعبان عبدالرحيم عن قرب، وأدعي أنني أعرف شعبان آخر غير شعبان الذي يعرفه كثيرون من الناس.
أولا شعبان ليس اسمه.. إنما اسمه الحقيقي »قاسم«..
ثانيا.. هذا الرجل.. حدوتة!
وهو »حدوتة مصرية« بمعني الكلمة.. فقد ولد في حي الشرابية الشعبي، وعاش مثل ملايين المصريين حياة الفقر التي يسميها علي طريقته »أيام القحط«!
لم يتعلم شعبان عبدالرحيم ولم يدخل المدرسة..
وبين طفولته وصباه عاش حياة الشقاء.. فقد عمل صبي مكوجي في محل جده بالشرابية، وكان كلما قست معاملة جده له، يهرب ليعمل في محلات المكوجية بالمنطقة.
عاش شعبان عبدالرحيم حياة »القحط« فعلا!
وتشرد في بلاد الله لخلق الله.. من الشرابية.. إلي ميت حلفا.. إلي بهتيم.
تزوج وأصبح عنده ٦ أولاد.. منهم بنت هي أم أنغام.
وعندما فتحها ربنا عليه.. استأجر دكانا كان ينام فيه مع زوجته وأولاده، وبعد الدكان انتقلوا للسكن في حجرة يتيمة، كانوا ينامون فيها جميعا.. ثم أصبحت حجرتين بعد الفرج!ظل يعمل مكوجيا، لكنه في المساء كان يغني في الأفراح فوق السطوح.. أو في أفراح الفلاحين في القري المجاورة، وبموهبة لم يعرف أحد مصدرها سرعان ما اشتهر شعبان عبدالرحيم كمطرب شعبي مميز.
ولأن بعد العسر يسرا..
فقد أصبح شعبان عبدالرحيم نجما شعبيا.. يردد أغنياته أولاد البلد، وغير أولاد البلد.. كان شعبان يغني كلام الناس وينطق بأحاسيسهم ومشاعرهم.
وهاجمه البعض.. وعشقه الملايين!
لكن شعبان الإنسان البسيط ظل ابن بلد.. وعاشق الحواري والشهامة!
عندما تدفقت عليه الشهرة والمال.. كان أول ما فعله أن وقف بشهامة مع اخوته وعائلته وأولاده.. حتي الناس العاديين كان ومايزال يدفع للأرامل والمطلقات.. وكل من يقول له: يا عم شعبان.. أنا في زنقة!
علي الفور يضع يده في جيب جلابيته.. ويخرج ما قسم ويعطيه للمزنوق!
>>>
في غرفة الإنعاش..
سألته.. وعيني في عينه:
> إيه اللي عملته ده يا قاسم؟
- رد علي الفور: انت مصدقهم.. عليٌ النعمة أنا بطلت الحشيش من زمان!
> سألته: وحتة الحشيش اللي لقوها في جلابيتك؟
- قال شعبان: ما اعرفش عنها حاجة.. وبعدين هما جابوني المستشفي من غير جلابية!
> يا شعبان؟!
- قال من علي فراشه: قالوا خد حتة حشيش .. وقالوا كتير حكايات.. والنعمة ما خدت حاجة.. وكل دي إشاعات.. وهي.. هي!
>>>
هكذا رد بالأغنية التي صاغها إسلام خليل مولف أغانيه الرسمي خارج حجرة الأنعاش
وقبل أن أنصرف..
> قال لي شعبان عبدالرحيم: أنا عارف مين اللي سلطهم عليٌ!
- سألته: مين؟
> قال: أنا أصلي غنيت لأوباما.. وقلت: أنا شايف الابتسامة.. والضحك علي الوشوش.. يارب يكون أوباما.. ما يكونش زي بوش.
> وبعدين؟
- من ساعة أغنية أوباما.. والدنيا مقلوبة عليٌ.. وجايز أوي يكون أوباما هو اللي سلط عليٌ الدكتور!
>>>
ليس دفاعا عن الحشيش.. أو الحشاشين!
ولا دفاعا عن شعبان عبدالرحيم!
لكن..
هل سيدخل »شعبولا« السجن بسبب قطعة حشيش؟
لم يقتل أحدا.. ولم يسرق أحدا.
وإذا كان قد تسبب في أي أذية.. فهو لم يؤذ غير نفسه.
ومن يريد أن يزج به في السجن.. عليه في نفس الوقت أن يدخل معه كل الحشاسين . والله وحده يعلم كم عددهم.
أليس ذلك هو العدل؟!