قضي الشاب علي اكثر من 40 يوما في الاردن وهو يسعي للحصول علي خارطة من احد الاشخاص حصل عليها من احد المواطنين الاتراك والذي ورثها بدوره حسب قوله من احد اجداده، تحدد مكان عدد من صناديق الذهب دفنها الجيش العثماني قبل انسحابه من فلسطين عام 1917.
وذلك الشاب حصل علي تلك الخارطة الا انه تفاجأ بأن هناك معضلة اخري يجب حلها قبل الحصول علي ذلك الكنز المدفون في احدي القري الفلسطينية منذ زمن الخلافة العثمانية الاسلامية التي كانت فلسطين جزءا منها، وتلك المعضلة هي أن هناك عددا من الجن يحرسون ذلك الكنز ولا بد من شيخ يقدر علي ابعاد هؤلاء الجن عن الكنز .
وبحث علي البالغ 40 عاما من العمر عن احد مشايخ الجن الذين يدعون بانهم يستطيعون التعامل مع عالم الجن، وفعلا عثر علي ضالته فوجد الشيخ ابو مجاهد الذي يدعي بأنه يستطيع ابعاد الجن عن ذلك الكنز الا ان هذا الامر يحتاج الي مال بعد ان رفض ان يأخذ اتعابه من الذهب المنتظر استخراجه، فباع علي ما تملكه زوجته من مجوهرات ودفع لذلك الشيخ الذي توجه الي مكان الذهب واقام بعض الطقوس الغريبة، ليعلن بعد ساعتين بأن الجن هم من اليهود الروس الذين يصعب التفاهم معهم، فذهبت مجوهرات زوجة علي وامواله التي انفقها في الاردن ادراج الرياح وتبخر حلمه بالحصول علي صناديق الذهب ليكتشف بأن ابو مجاهد هو من فئة شيوخ الجن الدجالين.
وليس علي وحده وهو ضحية تلك الفئة من الناس في الاراضي الفلسطينية بعد ان انتشرت ظاهرة السحر و مشايخ الجن القادرين علي معالجة المرضي وحل مشاكلهم في صفوف الفلسطينيين علي حد ادعائهم.
فميسون تبلغ من العمر 35 عاما ومتزوجة في احدي قري رام الله اصيبت بحالة اضطراب نفسي، شخص اهلها وعائلة زوجها حالتها الصحية بأنها مصابة بضربة جن ولا ينفعها الطب الحديث ولا بد من احضار احد المشايخ ليقرأ عليها القرآن الكريم لاخراج الجن من جسدها.
وفعلا احضروا الشيخ ابو سفيان الي منزل تلك المرأة كونه يعالج من ضربات الجن وشخص حالتها بانها تحتاج الي عدد كبير من جلسات العلاج التي تشمل قراءة اجزاء من القرآن الكريم، وبدأت رحلة العلاج بشيء من القرآن وشيء اخر من ضرب تلك المرأة حتي يخرج الجن من جسدها. وعند سؤال القدس العربي الأهل عن المبلغ المالي الذي يتقاضاه ذلك الشيخ رفضوا الافصاح عنه خوفا من فشل العلاج.
وتلك القصص من الشعوذة في الاراضي الفلسطينية ازدادت في المجتمع الفلسطيني خلال السنوات الماضية التي شهدت ارتفاعا حادا في نسبة الفقر والبطالة نتيجة الحصار الاسرائيلي.
وهناك الكثير من القصص في الاراضي الفلسطينية عن تعامل المواطنين مع المشعوذين والسحرة وتصديقهم، فهذه أم محمد التي ذهبت الي احد السحرة او (الفتاحين) وفق التسمية الفلسطينية بهدف تثبيت حملها، تقول: قررت الذهاب الي شيخ اخبرني عنه بعض الأقارب بهدف أن اثبت حملي حيث أني عانيت من الاجهاض المستمر، فأخبرني أن لي قريناً وان هذا القرين هو السبب في قتل الحمل، فتمتم بعض الكلمات وهو يضع يده علي بطني وقام باعطائي ورقة مغلفة علي شكل حجاب وطلب مني أن أضعها تحت وسادتي دون أن أفتحها، الا ان الحمل لم يثبت.
ويقول مواطن اخر من الذين تعاملوا مع مشايخ الجن: كنت اذهب لبعض المشايخ لأنني كنت أعاني من وجع مستمر في الرأس فاخبرني أن احد أقاربي قام بسحري عن طريق تشريبي السحر بفنجان القهوة، وان السحر الآن موجود في أمعائي وأنه سيؤثر علي بشكل أكثر ان استمر، وأخذ يقرأ القرآن علي ومن ثم لم اعد أفهم ما قرأ الا انه قال لي ان هذه طريقة في مخاطبة الجن لمساعدته في نزع السحر، وتم ذلك علي عدة جلسات وخلالها قام باعطائي عسلا وخلطة سماها خلطة ملكات النحل ودفعت ثمنها حوالي 80 دولارا وطلب مني أن أتناولها بشكل يومي، ولكن وفيما بعد تم اكتشاف أن هذا الرجل يتاجر بالعسل ويجتذب عقول الناس بهذه الطريقة من اجل بيع بضاعته.
وحسب الاوساط العلمية والدينية في الاراضي الفلسطينية فان الاحباط والهروب من الواقع هو ما يدفع بالناس الي التوجه لمن يسمون بالعرافين والسحرة.
وحذر الكثير من رجال الدين في الآونة الاخيرة المواطنين من السحرة والمشعوذين الذين باتوا يتاجرون في آمال واحلام الناس نتيجة الاوضاع الاقتصادية السيئة في الاراضي الفلسطينية.
*القدس العربي