مهرجان فلسطين الأول للسيارات القديمة برام الله..شاهد الصور

خاطفةً أنظار الجميع وبلوحة بارزة على مقدمة السيارة، التي بان عليها الكبر كانت الإشارة 1941 التي أحضرها الجيش البريطاني معه إلى فلسطين أثناء الانتداب، الشاهد الكبير وربما الأوحد الذي بقي على قيد الحياة ليروي قصة البشر والتاريخ من ظهره البالي وصولاً إلى مقدمته التي أكل الصدأ نصفها ليبقى للتاريخ النصف الآخر.

كانت 'الدووج' هي بطل الموقف بلا منازع ، ليروي صاحبها الجديد عبد السلام حرحرة (47 عاما) من مدينة نابلس جزءاً من قصة العملاق الذي أًصبح من تركة الجيش الإنجليزي ليرثها من بعده الجيش العربي الأردني ثم الإسرائيلي وأخيراً السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأطلت 'الدووج' التي تحمل لوحة 1941 من بين مئة سيارة كلاسيكية كالزعيم الذي يقود السيارات الصغيرة في مهرجان فلسطين الأول للسيارات القديمة بمدينة رام الله، بعد أن وصلت من نابلس محمولةً على ظهر شاحنة نقل للسيارات خوفاً عليها من الجيش الإسرائيلي، لتعيد ذاكرة الناس إلى أيام النكبة وحرب 48 وأيام العروبة وبلاد الشام وكذلك التهجير واللاجئين الفلسطينيين.

وحملت 'الدووج' على ظهرها الكثير من بضائع وأناس، فكانت المسيرة تنطلق من فلسطين باتجاه لبنان في الشمال محملة بالجفت لتعود بالرسائل والأمانات من الأحباب والناس إلى أهلهم في فلسطين والأردن وسوريا سالكة الطريق الأطول لتدخل سوريا والأردن باتجاه فلسطين، فعملية النقل أصبحت مهمتها الأولى بعد انتهاء خدمتها في الجيش.. فمن نقل الجنود إلى نقل المواد الغذائية والتجارية.

كما وحملت 'الدووج' العروس من منزل أهلها بكل أمتعتها ومستلزماتها إلى بيت زوجها الجديد منتقلة بين الضفتين الشرقية والغربية، وكذلك بين القرى الفلسطينية المختلفة، حاملة معها الفرح للناس.. ولكن لم يقتصر الفرح على 'الدووج' فالحزن أيضاً له عنوان.

وعاصرت هذه المركبة النكبة الفلسطينية والحرب، ليركب على ظهرها اللاجئين الفلسطينيين مهاجرين من مدنهم وقراهم إلى المجهول بلا عودة، فمرت من مجزرة دير ياسين وصبرا وشاتيلا، حاملة اللاجئين من يافا وحيفا وعكا والرملة واللد، ومن بئر السبع والجليل والناصرة، ذاهبين إلى الضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان والعريش، آملين العودة في القريب العاجل ولكن القدر شاء أن يبقوا هناك.

وبعد دخول 'الدووج' في فلمين عن النكبة والقضية ستشارك في فلم جديد بالناصرة حسب ما صرح صاحبها حرحرة، مضيفاً أنه يخاف أن تقوم سلطة الاحتلال الإسرائيلي بأخذ السيارة ووضعها في متاحف مخلفات الجيش البريطاني في إسرائيل، لذلك طالبت بتأمين كبير عليها من الفلم.

والناظر إلى 'الدووج' من أمام الزجاج الصغير تشده تلك المقدمة البارزة التي دهنت باللون البرتقالي فوق لون الجيش الذي ما زال ظاهراً بعض الشيء، وذلك المقود الذي ما زالت بصمات سائقها القديم عاطف بدران عليها شاهدةً على الطرقات القديمة بيارات البرتقال في يافا، وتلك الدواليب الضخمة التي لم تعتد على السير بهذه الطرقات الحديثة وتشتاق إلى تلك الطرق القديمة، مع أنها مدمرة ومليئة بالوحل إلا أن رائحتها تفوح من المقود والدواليب والعفش وكل جزء في السيارة.

ومع وجود 'الدووج' الشاهد الصامت على مجازر الاحتلال فصاحبها الأصلي وسائقها عاطف بدران (80عاماً) من اللد وسكان مخيم عسكر في نابلس مازال على قيد الحياة ليروي قصة النكبة وقصة هذه المركبة آملين الوصول إليه لمعرفة باقي الحكاية.